Friday, February 12, 2010

الاختلاف شر

أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا

يقول ابن مسعود " الاختلاف شر "
و يقول الحديث النبوي " اختلاف أمتي رحمة "
فكيف يكون الاختلاف بين القولين ؟

للإجابة على هذا الاختلاف نقول إن هذا الحديث لا أصل له أي لا سند له ولقد جهد المحدثون على أن يجدوا له سندا فلم يوفقوا ...

غير أن هذا الحديث معناه مستنكر عند العلماء فقال ابن حزم بعد أن اشار إلي أنه ليس بحديث أصلا : باطل مكذوب وهذا من افسد ما يكون لأنه لو كان الاختلاف رحمة لكان الاتفاق سخطا وهذا ما لا يقوله مسلم .

ومن أثار هذا الحديث السيئة إقرار المسلمين الاختلاف الواقع بين المذاهب الأربعة ولا يحاولون أبدا الرجوع بها إلي السنة النبوية الصحيحة كما أمرهم بذلك أأمتهم .. مع العلم باختلافهم وتعارض لا يمكن التوفيق بينهم إلا برد بعضها المخالف للدليل وقبول البعض الأخر الموافق له وهذا ما لا يفعلون وبذلك فقد نسبوا إلي الشريعة التناقض وهو وحده دليل علي انه ليس من الله عز وجل لو كانوا يتأملون قوله تعالي في حق القرآن " ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا " فالآية صريحة في أن الاختلاف ليس من الله فكيف يصح إذا جعله شريعة متبعة ورحمة منزلة .

وبسبب هذا الحديث ونحوه ظل أكثر المسلمين بعد الأئمة الأربعة إلي اليوم مختلفين في كثير من المسائل الإعتقادية والعملية ولو أنهم كانوا يرون أن الخلاف شر كما قال ابن مسعود رضي الله عنه وغيره ودلت على ذلك الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الكثيرة لسعوا إلي الاتفاق ولأمكنهم ذلك في أكثر هذه المسائل بم نصب الله تعالي عليها الكثير من الأدلة التي يعرف بها الصواب من الخطأ والحق من الباطل ثم عذر بعضهم بعضا فيم قد يختلفون فيه .. ولكن لماذا هذا السعي وهم يرون أن الاختلاف رحمة وان المذاهب على اختلافها كشرائع متعددة ..

وجملة القول بأن الاختلاف مذموم في الشريعة فالواجب محاولة التخلص منه قدر ما أمكن لأنه من أسباب ضعف الأمة كما قال تعالي " ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم "
أما الرضا به وتسميته رحمة فخلاف للآيات الكريمة المصرحة بذمه ولا مستند له إلا هذا الحديث عن رسول الله الذي لا اصل له .

وهنا قد يرد سؤال أن الصحابة قد اختلفوا وأفاضل الناس أيلحقهم الذم المذكور ؟
أجاب أبن حزم رحمه الله " كلا ما يلحق أولئك شيء من ذلك لأن كل امرؤ منهم تحري سبيل الله ووجهته الحق فالمخطئ منهم مأجور أجرا واحدا بنيته الجميلة في إرادة الخير وقد رفع عنهم الإثم في خطئهم لأنهم لم يتعمدوه ولا قصدوه ولا استهانوا في طلبه والمصيب منهم له اجرين وهكذا كل مسلم إلي يوم القيامة فيما خفي عليه من الدين ولم يبلغه وإنما الذم المذكور والوعيد المنصوص لمن ترك التعلق بحبل الله تعالي وهو القرآن وكلام النبي صلي الله عليه وسلم بعد وصول النص إليه وقيام الحجة به عليه وتعلق بفلان وفلان مقلدا عامدا إلي الاختلاف داعيا إلي عصبية و حمية الجاهلية قاصدا للفرقة متحريا في دعواه برد القرآن والسنة إليها فإن وافقها النص اخذ به وان خالفها تعلق بجاهليته وترك القرآن وكلام النبي صلى الله عليه وسلم فهؤلاء هم المختلفون المذمومون

No comments: